الحجاج بن مسروق بن جعف بن سعد العشيرة المذحجي الجعفي
كان الحجاج (1)من الشيعة ، صحب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في الكوفة ، ولما خرج الحسين ( عليه السلام ) إلى مكة خرج من الكوفة إلى مكة لملاقاته فصحبه ، وكان مؤذنا له في أوقات الصلوات . قال صاحب خزانة الأدب الكبرى : لما ورد الحسين ( عليه السلام ) قصر بني مقاتل رأى فسطاطا مضروبا ، فقال : لمن هذا ؟ فقيل : لعبيد الله بن الحر الجعفي . فأرسل إليه الحجاج بن مسروق الجعفي ، ويزيد بن مغفل (2) الجعفي فأتياه وقالا : إن أبا عبد الله يدعوك . فقال لهما : أبلغا الحسين ( عليه السلام ) أنه إنما دعاني من الخروج إلى الكوفة حين بلغني أنك تريدها فرار من دمك ودماء أهل بيتك ، ولئلا أعين عليك ، وقلت إن قاتلته كان علي كبيرا وعند الله عظيما ، وإن قاتلت معه ولم أقتل بين يديه كنت قد ضيعته ، وإن قتلت فأنا رجل أحمى أنفا من أن أمكن عدوي فيقتلني ضيعة ، والحسين ليس له ناصر بالكوفة ولا شيعة يقاتل بهم .
فأبلغ الحجاج وصاحبه قول عبيد الله إلى الحسين ( عليه السلام ) فعظم عليه ، ودعا بنعليه ثم أقبل يمشي حتى دخل على عبيد الله بن الحر فسطاطه فأوسع له عن صدر مجلسه واستقبله إجلالا وجاء به حتى أجلسه . قال يزيد بن مرة : فحدثني عبيد الله بن الحر قال : دخل علي الحسين ( عليه السلام ) ولحيته كأنها جناح غراب ! فما رأيت أحدا قط أحسن ولا أملأ للعين منه ، ولا رققت على أحد قط رقتي عليه حين رأيته يمشي وصبيانه حوله ، فقال الحسين ( عليه السلام ) : ما يمنعك يا بن الحر أن تخرج معي ! ؟ فقال ابن الحر : لو كنت كائنا مع أحد القريقين لكنت معك ، ثم كنت من أشد أصحابك على عدوك ، فأنا أحب أن يعفيني من الخروج معك ، ولكن هذه خيل لي معدة وأدلاء من أصحابي ، وهذه فرسي المحلقة فوالله ما طلبت عليها شيئا قط إلا أدركته ولا طلبني أحد إلا فته ، فاركبها حتى تلحق بمأمنك وأنا لك ضمين بالعيالات حتى أديهم اليك أو أموت وأصحابي عن آخرهم دونهم وأنا كما تعلم إذا دخلت في أمر لم يضمني فيه أحد . قال الحسين ( عليه السلام ) : " أفهذه نصيحة لنا منك يا بن الحر " ؟ قال : نعم ، والله الذي لا شئ فوقه ! فقال له الحسين ( عليه السلام ) : " إني سأنصح لك كما نصحت لي إن استطعت أن لا تسمع صراخنا : ولا تشهد واعيتنا فافعل ، فوالله لا يسمع واعيتنا أحد ثم لا ينصرنا إلا أكبه الله في نار جهنم " . ثم خرج الحسين ( عليه السلام ) من عنده (3) وعليه جبة خز وكساء وقلنسوة موردة ومعه صاحباه الحجاج ويزيد وحوله صبيانه فقمت مشيعا له وأعدت النظر إلى لحيته ، فقلت : أسود ما أرى أم خضاب ؟ فقال ( عليه السلام ) : " يا بن الحر عجل علي الشيب " فعرفت أنه خضاب وودعته (4) .
وقال ابن شهرآشوب وغيره : لما كان اليوم العاشر من المحرم ووقع القتال تقدم الحجاج بن مسروق الجعفي إلى الحسين ( عليه السلام ) واستأذنه في القتال ، فأذن له ثم عاد إليه وهو مخضب بدمائه فأنشده : فدتك نفسي هاديا مهديا * اليوم ألقى جدك النبيا ثم أباك ذا الندى عليا * ذاك الذي نعرفه الوصيا فقال له الحسين ( عليه السلام ) : " نعم ، وأنا ألقاهما على أثرك " ، فرجع يقاتل حتى قتل رضي الله عنه (5) .
-----------------------------------------
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق