زيارة عاشوراء اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا اَبا عَبْدِاللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ(السَّلامُ عَلَيكَ يا خِيَرَةِ اللهِ وابْنَ خَيرَتِهِ) اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ وَابْنَ سَيِّدِ الْوَصِيّينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ فاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِساءِ الْعالَمينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا ثارَ اللهِ وَابْنَ ثارِهِ وَالْوِتْرَ الْمَوْتُورَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلَى الاَْرْواحِ الَّتي حَلَّتْ بِفِنائِكَ عَلَيْكُمْ مِنّي جَميعاً سَلامُ اللهِ اَبَداً ما بَقيتُ وَبَقِىَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ، يا اَبا عَبْدِاللهِ لَقَدْ عَظُمَتِ الرَّزِيَّةُ وَجَلَّتْ وَعَظُمَتِ الْمُصيبَةُ بِكَ عَلَيْنا وَعَلى جَميعِ اَهْلِ الاِْسْلامِ وَجَلَّتْ وَعَظُمَتْ مُصيبَتُكَ فِي السَّماواتِ عَلى جَميعِ اَهْلِ السَّماواتِ، فَلَعَنَ اللهُ اُمَّةً اَسَّسَتْ اَساسَ الظُّلْمِ وَالْجَوْرِ عَلَيْكُمْ اَهْلَ الْبَيْتِ، وَلَعَنَ اللهُ اُمَّةً دَفَعَتْكُمْ عَنْ مَقامِكُمْ وَاَزالَتْكُمْ عَنْ مَراتِبِكُمُ الَّتي رَتَّبَكُمُ اللهُ فيها، وَلَعَنَ اللهُ اُمَّةً قَتَلَتْكُمْ وَلَعَنَ اللهُ الْمُمَهِّدينَ لَهُمْ بِالَّتمْكينِ مِنْ قِتالِكُمْ، بَرِئْتُ اِلَى اللهِ وَاِلَيْكُمْ مِنْهُمْ وَمِنْ اَشْياعِهِمْ وَاَتْباعِهِمْ وَاَوْلِيائِهِم، يا اَبا عَبْدِاللهِ اِنّي سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَكُمْ وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكُمْ اِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ، وَلَعَنَ اللهُ آلَ زِياد وَآلَ مَرْوانَ، وَلَعَنَ اللهُ بَني اُمَيَّةَ قاطِبَةً، وَلَعَنَ اللهُ ابْنَ مَرْجانَةَ، وَلَعَنَ اللهُ عُمَرَ بْنَ سَعْد، وَلَعَنَ اللهُ شِمْراً، وَلَعَنَ اللهُ اُمَّةً اَسْرَجَتْ وَاَلْجَمَتْ وَتَنَقَّبَتْ لِقِتالِكَ، بِاَبي اَنْتَ وَاُمّي لَقَدْ عَظُمَ مُصابي بِكَ فَاَسْأَلُ اللهَ الَّذي َكْرَمَ مَقامَكَ وَاَكْرَمَني اَنْ يَرْزُقَني طَلَبَ ثارِكَ مَعَ اِمام مَنْصُور مِنْ اَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، اَللّـهُمَّ اجْعَلْني عِنْدَكَ وَجيهاً بِالْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي الدُّنْيا وَالاْخِرَةِ، يا اَبا عَبْدِاللهِ اِنّي اَتَقَرَّبُ اِلى اللهِ وَ اِلى رَسُولِهِ وَاِلى اَميرِ الْمُؤْمِنينَ وَاِلى فاطِمَةَ وَاِلَى الْحَسَنِ وَاِلَيْكَ بِمُوالاتِكَ وَبِالْبَراءَةِ (مِمَّنْ قاتَلَكَ وَنَصَبَ لَكَ الْحَرْبَ وَبِالْبَراءَةِ مِمَّنْ اَسَسَّ اَساسَ الظُّلْمِ وَالْجَوْرِ عَلَيْكُمْ وَاَبْرَأُ اِلَى اللهِ وَاِلى رَسُولِهِ) مِمَّنْ اَسَسَّ اَساسَ ذلِكَ وَبَنى عَلَيْهِ بُنْيانَهُ وَجَرى فِي ظُلْمِهِ وَجَوْرِهِ عَلَيْكُمْ وَعلى اَشْياعِكُمْ، بَرِئْتُ اِلَى اللهِ وَاِلَيْكُمْ مِنْهُمْ وَاَتَقَرَّبُ اِلَى اللهِ ثُمَّ اِلَيْكُمْ بِمُوالاتِكُمْ وَمُوالاةِ وَلِيِّكُمْ وَبِالْبَراءَةِ مِنْ اَعْدائِكُمْ وَالنّاصِبينَ لَكُمُ الْحَرْبَ وَبِالْبَراءَةِ مِنْ اَشْياعِهِمْ وَاَتْباعِهِمْ، اِنّي سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَكُمْ وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكُمْ وَوَلِىٌّ لِمَنْ والاكُمْ وَعَدُوٌّ لِمَنْ عاداكُمْ فَاَسْأَلُ اللهَ الَّذي أكْرَمَني بِمَعْرِفَتِكُمْ وَمَعْرِفَةِ اَوْلِيائِكُمْ وَرَزَقَنِى الْبَراءَةَ مِنْ اَعْدائِكُمْ اَنْ يَجْعَلَني مَعَكُمْ فِي الدُّنْيا وَالاْخِرَةِ وَاَنْ يُثَبِّتَ لي عِنْدَكُمْ قَدَمَ صِدْق فِي الدُّنْيا وَالاْخِرَةِ وَاَسْأَلُهُ اَنْ يُبَلِّغَنِى الْمَقامَ الَْمحْمُودَ لَكُمْ عِنْدَ اللهِ وَاَنْ يَرْزُقَني طَلَبَ ثاري مَعَ اِمام هُدىً ظاهِر ناطِق بِالْحَقِّ مِنْكُمْ وَاَسْألُ اللهَ بِحَقِّكُمْ وَبِالشَّأنِ الَّذي لَكُمْ عِنْدَهُ اَنْ يُعْطِيَني بِمُصابي بِكُمْ اَفْضَلَ ما يُعْطي مُصاباً بِمُصيبَتِهِ مُصيبَةً ما اَعْظَمَها وَاَعْظَمَ رَزِيَّتَها فِي الاِْسْلامِ وَفِي جَميعِ السَّماواتِ وَالاْرْضِ اَللّـهُمَّ اجْعَلْني فِي مَقامي هذا مِمَّنْ تَنالُهُ مِنْكَ صَلَواتٌ وَرَحْمَةٌ وَمَغْفِرَةٌ، اَللّـهُمَّ اجْعَلْ مَحْياىَ مَحْيا مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد وَمَماتي مَماتَ مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، اَللّـهُمَّ اِنَّ هذا يَوْمٌ تَبَرَّكَتْ بِهِ بَنُو اُمَيَّةَ وَابْنُ آكِلَةِ الاَْكبادِ اللَّعينُ ابْنُ اللَّعينِ عَلى لِسانِكَ وَلِسانِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فِي كُلِّ مَوْطِن وَمَوْقِف وَقَفَ فيهِ نَبِيُّكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، اَللّـهُمَّ الْعَنْ اَبا سُفْيانَ وَمُعاوِيَةَ وَيَزيدَ ابْنَ مُعاوِيَةَ عَلَيْهِمْ مِنْكَ اللَّعْنَةُ اَبَدَ الاْبِدينَ، وَهذا يَوْمٌ فَرِحَتْ بِهِ آلُ زِياد وَآلُ مَرْوانَ بِقَتْلِهِمُ الْحُسَيْنَ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِ، اَللّـهُمَّ فَضاعِفْ عَلَيْهِمُ اللَّعْنَ مِنْكَ وَالْعَذابَ (الاَْليمَ) اَللّـهُمَّ اِنّي اَتَقَرَّبُ اِلَيْكَ فِي هذَا الْيَوْمِ وَفِي مَوْقِفي هذا وَاَيّامِ حَياتي بِالْبَراءَةِ مِنْهُمْ وَاللَّعْنَةِ عَلَيْهِمْ وَبِالْمُوالاةِ لِنَبِيِّكَ وَآلِ نَبِيِّكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ اَلسَّلامُ ثمّ تقول مائة مرّة : اَللّـهُمَّ الْعَنْ اَوَّلَ ظالِم ظَلَمَ حَقَّ مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد وَآخِرَ تابِع لَهُ عَلى ذلِكَ، اَللّـهُمَّ الْعَنِ الْعِصابَةَ الَّتي جاهَدَتِ الْحُسَيْنَ (عليه السلام) وَشايَعَتْ وَبايَعَتْ وَتابَعَتْ عَلى قَتْلِهِ، اَللّـهُمَّ الْعَنْهُمْ جَميعاً ثمّ تقول مائة مرّة : اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا اَبا عَبْدِاللهِ وَعَلَى الاَْرْواحِ الَّتي حَلَّتْ بِفِنائِكَ عَلَيْكَ مِنّي سَلامُ اللهِ اَبَداً ما بَقيتُ وَبَقِيَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَلا جَعَلَهُ اللهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنّي لِزِيارَتِكُمْ، اَلسَّلامُ عَلَى الْحُسَيْنِ وَعَلى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَعَلى اَوْلادِ الْحُسَيْنِ وَعَلى اَصْحابِ الْحُسَيْنِ، ثمّ تقول : اَللّـهُمَّ خُصَّ اَنْتَ اَوَّلَ ظالِم بِاللَّعْنِ مِنّي وَابْدَأْ بِهِ اَوَّلاً ثُمَّ (الْعَنِ) الثّانيَ وَالثّالِثَ وَالرّابِعَ اَللّـهُمَّ الْعَنْ يَزيدَ خامِساً وَالْعَنْ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ زِياد وَابْنَ مَرْجانَةَ وَعُمَرَ بْنَ سَعْد وَشِمْراً وَآلَ اَبي سُفْيانَ وَآلَ زِياد وَآلَ مَرْوانَ اِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ثمّ تسجد وتقُول : اَللّـهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ حَمْدَ الشّاكِرينَ لَكَ عَلى مُصابِهِمْ اَلْحَمْدُ للهِ عَلى عَظيمِ رَزِيَّتي اَللّـهُمَّ ارْزُقْني شَفاعَةَ الْحُسَيْنِ يَوْمَ الْوُرُودِ وَثَبِّتْ لي قَدَمَ صِدْق عِنْدَكَ مَعَ الْحُسَيْنِ وَاَصْحابِ الْحُسَيْنِ اَلَّذينَ بَذَلُوا مُهَجَهُمْ دُونَ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلامُ .

أهلا وسهلا

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهلا وسهلا بكم اخوتي الافاضل في هذه المدونة المتواضعة اتمنى ان تنال رضاكم واستحسانكم . وهي تهدف الى نشر سيرة أصحاب الحسين عليه السلام

الأربعاء، 21 ديسمبر 2011

زهير بن القين بن قيس الأنماري البجلي

كان زهير (1) رجلا شريفا في قومه ، نازلا فيهم بالكوفة ، شجاعا ، له في المغازي مواقف مشهورة ومواطن مشهودة . وكان أولا عثمانيا ، فحج سنة ستين في أهله .

 ثم عاد فوافق الحسين ( عليه السلام ) في الطريق ، فهداه ، الله وانتقل علويا . روى أبو مخنف عن بعض الفزاريين قال : كنا مع زهير بن القين حين أقبلنا من مكة نساير الحسين ( عليه السلام ) فلم يكن شئ أبغض إلينا من أن نسايره في منزل ، فإذا سار الحسين ( عليه السلام ) تخلف زهير ، وإذا نزل الحسين تقدم زهير ، حتى نزلنا يوما في منزل لم نجد بدا من أن ننازله فيه ، فنزل الحسين في جانب ، ونزلنا في جانب ، فبينا نحن نتغذى من طعام لنا ، إذ أقبل رسول الحسين فسلم ودخل ، فقال : يا زهير بن القين إن أبا عبد الله الحسين بن علي بعثني إليك لتأتيه ، فطرح كل إنسان منا ما في يده حتى كأن على رؤسنا الطير (2) .

 قال أبو مخنف : فحدثتني دلهم بنت عمرو ، امرأة زهير قالت : فقلت له : أيبعث إليك ابن رسول الله ثم لا تأتيه ! سبحان الله لو أتيته فسمعت من كلامه ثم انصرفت ، قالت : فأتاه زهير بن القين ، فما لبث أن جاء مستبشرا قد أسفر وجهه :

 فأمر بفسطاطه وثقله ومتاعه ، فقوض وحمل إلى الحسين ( عليه السلام ) ، ثم قال لي : أنت طالق ، الحقي بأهلك ، فإني لا أحب أن يصيبك بسببي إلا خير ، ثم قال لأصحابه : من أحب منكم أن يتبعني وإلا فإنه آخر العهد ، إني سأحدثكم حديثا ، غزونا بلنجر ، ففتح الله علينا وأصبنا غنائم ، فقال لنا سلمان : أفرحتم بما فتح الله عليكم ، وأصبتم من المغانم ؟ فقلنا : نعم . فقال لنا : إذا أدركتم شباب آل محمد ( صلى الله عليه وآله ) فكونوا أشد فرحا بقتالكم معه بما أصبتم من المغانم ، فأما أنا فإني أستودعكم الله ، قال : ثم والله ما زال أول القوم حتى قتل معه (3) .

 وقال أبو مخنف : لما عارض الحر بن يزيد الحسين ( عليه السلام ) في الطريق وأراد أن ينزله حيث يريد فأبى الحسين عليه ، ثم إنه سايره ، فلما بلغ ذا حسم خطب أصحابه خطبته التي يقول فيها : " أما بعد ، فإنه نزل بنا من الأمر ما قد ترون " الخ ، فقام زهير وقال لأصحابه : أتتكلمون أم أتكلم ؟ قالوا : بل تكلم ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : قد سمعنا هداك الله يا بن رسول الله مقالتك ، والله لو كانت الدنيا لنا باقية ، وكنا فيها مخلدين ، إلا أن فراقها في نصرك ومواساتك ، لآثرنا النهوض معك على الإقامة فيها . فدعا له الحسين وقال له خيرا (4) .

وروى أبو مخنف : أن الحر لما ضايق الحسين ( عليه السلام ) بالنزول وأتاه أمر ابن زياد أن ينزل الحسين على غير ماء ولا كلأ ولا في قرية ، قال له الحسين : " دعنا ننزل في هذه القرية " ، يعني نينوى ، أو هذه يعني الغاضرية ، أو هذه يعني شفية . فقال الحر : لا والله لا أستطيع ذلك ، هذا رجل قد بعث علي علينا ، فقال زهير للحسين : يا بن رسول الله إن قتال هؤلاء أهون علينا من قتال من بعدهم ، فلعمري ليأتينا من بعدهم ما لا قبل لنا به ، فقال له الحسين ( عليه السلام ) : " ما كنت لأبدأهم بقتال " ، فقال له زهير : فسر بنا إلى هذه القرية فإنها حصينة ، وهي على شاطئ الفرات ، فإن منعونا قاتلناهم ، فقتالهم أهون من قتال من يجيئ من بعدهم ، فقال الحسين ( عليه السلام ) : " وأية قرية هي " ؟ قال : هي العقر ، فقال الحسين ( عليه السلام ) : " اللهم إني أعوذ بك من العقر " فنزل بمكانه وهو كربلا (5) .

وقال أبو مخنف : لما أجمع عمر بن سعد على القتال نادى شمر بن ذي الجوشن : يا خيل الله اركبي وأبشري بالجنة ، والحسين ( عليه السلام ) جالس أمام بيته محتبيا بسيفه ، وقد وضع رأسه على ركبته من نعاس ، فدنت أخته زينب منه وقالت : يا أخي قد اقترب العدو ، وذلك يوم الخميس التاسع من المحرم بعد العصر ، وجاءه العباس فقال : يا أخي أتاك القوم ، فنهض ثم قال : " يا عباس اركب إليهم حتى تسألهم عما جاء بهم " فركب العباس في عشرين فارسا منهم حبيب بن مظهر وزهير بن القين فسألهم العباس ، فقالوا جاء أمر الأمير بالنزول على حكمه أو المنازلة ، فقال لهم العباس : لا تعجلوا حتى أرجع إلى أبي عبد الله فأعرض عليه ما ذكرتم ، فوقفوا وقالوا له : ألقه فأعلمه ، ثم القنا بما يقول ، فذهب العباس راجعا ، ووقف أصحابه . فقال حبيب لزهير : كلم القوم إن شئت وإن شئت كلمتهم أنا ، فقال زهير أنت بدأت فكلمهم ، فكلمهم بما تقدم في ترجمته ، فرد عليه عزرة بن قيس بقوله : إنه لتزكي نفسك ما استطعت ، فقال له زهير : إن الله قد زكاها وهداها فاتق الله يا عزرة ، فإني لك من الناصحين ، أنشدك الله يا عزرة أن تكون ممن يعين الضلال على قتل النفوس الزكية .

فقال عزرة : يا زهير ما كنت عندنا من شيعة هذا البيت إنما كنت عثمانيا .

قال : أفلا تستدل بموقفي هذا على أني منهم ! أما والله ما كتبت إليه كتابا قط ، ولا أرسلت إليه رسولا قط ، ولا وعدته نصرتي قط ، ولكن الطريق جمع بيني وبينه ، فلما رأيته ذكرت رسولا قط ، ولا وعدته نصرتي قط ، ولكن الطريق جمع بيني وبينه ، فلما رأيته ذكرت به رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ومكانه منه ، وعرفت ما يقدم عليه من عدوه وحزبكم : فرأيت أن أنصره ، وأن أكون في حزبه ، وأن أجعل نفسي دون نفسه ، حفظا لما ضيعتم من حق الله وحق رسوله . قال : وأقبل العباس فسألهم إمهال العشية ، فتوامروا ثم رضوا فرجعوا (6) .

 وروى أبو مخنف عن الضحاك بن عبد الله المشرقي قال : لما كانت الليلة العاشرة خطب الحسين أصحابه وأهل بيته فقال في كلامه : " هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا ، وليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي ، فإن القوم إنما يطلبوني " .

 فأجابه العباس وبقية أهله بما تقدم في تراجمهم .

 ثم أجابه مسلم بن عوسجة بما ذكر وأجابه سعيد بما يذكر . ثم قام زهير فقال : والله لوددت أني قتلت ثم نشرت ثم قتلت حتى أقتل كذا ألف قتلة ، وأن الله يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن أنفس هؤلاء الفتية من أهل بيتك (7) .

 وقال أهل السير : لما صف الحسين ( عليه السلام ) أصحابه للقتال وإنما هم زهاء السبعين جعل زهير على الميمنة ، وحبيبا على الميسرة ، ووقف في القلب ، وأعطى الراية لأخيه العباس (8) .

وروى أبو مخنف عن علي بن حنظلة بن أسعد الشبامي (9) عن كثير بن عبد الله الشعبي البجلي (10) ، قال : لما زحفنا قبل الحسين ( عليه السلام ) خرج إلينا زهير بن القين على فرس له ذنوب ، وهو شاك في السلاح ، فقال : يا أهل الكوفة ، نذار لكم من عذاب الله نذار ! إن حقا على المسلم نصيحة أخيه المسلم ، ونحن حتى الآن إخوة وعلى دين واحد وملة واحدة ما لم يقع بيننا وبينكم السيف ، فإذا وقع السيف انقطعت العصمة ، وكنا أمة وكنتم أمة ، إن الله قد ابتلانا وإياكم بذرية نبيه محمد ( صلى الله عليه وآله ) لينظر ما نحن وأنتم عاملون ، إنا ندعوكم إلى نصرهم وخذلان الطاغية عبيد الله بن زياد ، فإنكم لا تدركون منهما إلا السوء عمر سلطانهما كله ، إنهما يسملان أعينكم ، ويقطعان أيديكم وأرجلكم ، ويمثلان بكم ، ويرفعانكم على جذوع النخل ، ويقتلان أماثلكم وقرائكم ، أمثال حجر بن عدي وأصحابه ، وهاني بن عروة وأشباهه .

 قال : فسبوه وأنثوا على عبيد الله وأبيه ، وقالوا : والله لا نبرح حتى نقتل صاحبك ومن معه ، أو نبعث به وبأصحابه إلى الأمير ، فقال لهم زهير : عباد الله إن ولد فاطمة ( عليها السلام ) أحق بالود والنصر من ابن سمية ، فإن لم تنصروهم فأعيذكم بالله أن تقتلوهم ، فخلوا بين هذا الرجل وبين يزيد ، فلعمري إنه ليرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين ( عليه السلام ) ، قال : فرماه شمر بسهم وقال له : اسكت أسكت الله نامتك ، فقد أبرمتنا بكثرة كلامك ! فقال زهير : يا بن البوال على عقبيه ، ما إياك أخاطب ، إنما أنت بهيمة ، والله ما أظنك تحكم من كتاب الله آيتين ، فأبشر بالخزي يوم القيامة والعذاب الأليم . فقال له شمر : إن الله قاتلك  وصاحبك عن ساعة ، قال زهير : أفبالموت تخوفني ! ؟

 والله للموت معه أحب إلي من الخلد معكم ، قال : ثم أقبل على الناس رافعا صوته ، وصاح بهم : عباد الله لا يغرنكم عن دينكم هذا الجلف الجافي وأشباهه ، فوالله لا تنال شفاعة محمد ( صلى الله عليه وآله ) قوما هرقوا دماء ذريته وأهل بيته ، وقتلوا من نصرهم وذب عن حريمهم .

 قال : فناداه رجل من خلفه : يا زهير إن أبا عبد الله يقول لك : أقبل ، فلعمري لئن كان مؤمن آل فرعون نصح لقومه وأبلغ في الدعاء ، لقد نصحت لهؤلاء وأبلغت لو نفع النصح والإبلاغ ، فذهب إليهم (11) .

 وروى أبو مخنف عن حميد بن مسلم قال : حمل شمر حتى طعن فسطاط الحسين ( عليه السلام ) برمحه ، وقال : علي بالنار حتى أحرق هذا البيت على أهله ، فصاحت النساء وخرجن من الفسطاط ، فصاح الحسين : يا بن ذي الجوشن ، أنت تدعو بالنار لتحرق بيتي على أهلي ، حرقك الله بالنار .

 وحمل زهير بن القين في عشرة من أصحابه فشد على شمر وأصحابه ، فكشفهم عن البيوت حتى ارتفعوا عنها ، وقتل زهير أبا عزة الضبابي من أصحاب الشمر وذوي قرباه ، وتبع أصحابه الباقين فتعطف الناس عليهم ، فكثروهم وقتلوا أكثرهم وسلم زهير (12) .

قال أبو مخنف : واستحر القتال بعد قتل حبيب ، فقاتل زهير والحر قتالا شديدا فكان إذا شد أحدهما واستلحم شد الآخر فخلصه ، فقتل الحر ثم صلى الحسين ( عليه السلام ) صلاة الخوف ، ولما فرغ منها تقدم زهير فجعل يقاتل قتالا لم ير مثله ولم يسمع بشبهه وأخذ يحمل على القوم فيقول :

أنا زهير وأنا بن القين * أذودكم بالسيف عن حسين

ثم رجع فوقف أمام الحسين وقال له :

 فدتك نفسي هاديا مهديا * اليوم ألقى جدك النبيا

وحسنا والمرتضى عليا * وذا الجناحين الشهيد الحيا

 فكأنه ودعه ، وعاد يقاتل فشد عليه كثير بن عبد الله الشعبي ومهاجر بن أوس التميمي فقتلاه (13) .

 وقال السروي في المناقب : لما صرع وقف عليه الحسين ( عليه السلام ) فقال : " لا يبعدنك الله يا زهير ، ولعن الله قاتليك ، لعن الذين مسخوا قردة وخنازير " (14) .

 وفيه أقول :

 لا يبعدنك الله من رجل * وعظ العدى بالواحد الأحد

 ثم انثنى نحو الخميس فما * أبقى لدفع الضيم من أحد



 ( ضبط الغريب ) مما وقع في هذه الترجمة :

( كأن على رؤسنا الطير ) : هذا مثل يضرب في السكون من التحير فإن الطير لا يقع إلا على ساكن .

 ( بلنجر ) : بالباء الموحدة واللام المفتوحتين والنون الساكنة والجيم المفتوحة والراء المهملة آخر الحروف وهي مدينة في الخزر عند باب الأبواب (15) ، فتحت في  زمان عثمان على يد سلمان بن ربيعة الباهلي أو سلمان الفارسي كما ذكره ابن الأثير (16) .

 وقتل سلمان بن ربيعة بعد فتحها ، فقال فيه عبد الرحمن الباهلي :

 وإن لنا قبرين قبر بلنجر * وقبرا بأرض الصين يا لك من قبر

 يعني بالأول قبر سلمان الباهلي وبالثاني قبر قتيبة بن مسلم الباهلي .

( فقوله ) : فقال لنا سلمان يحتمل الباهلي لأنه رئيس الجيش ، ويحتمل الفارسي لأنه في الجيش على ما ذكره ابن الأثير في الكامل .

( نينوى ) : قرية عند كربلا .

( الغاضرية ) : قرية عند كربلا أيضا تنسب لبني غاضرة من أسد .

( شفية ) : قرية عند كربلا أيضا ، وتضبط بضم الشين المعجمة والفاء المفتوحة والياء المثناة تحت المشددة والتاء آخر الكلمة ، ولم أر من ذكرها في المعاجم .

( نذار ) : بفتح النون وكسر الراء أي : خافوا وهو اسم فعل من الانذار ، وهو الابلاغ مع التخويف وبناؤه على الكسر .

( العصمة ) : أي المنعة بالإسلام يقال من شهد الشهادتين فقد عصم نفسه أي منعها .

( يسملان ) : يقال : سمل عينه أي فقأها بميل محمي .

( أسكت الله نامتك ) : النأمة بالهمزة والنامة بالتشديد الصوت ، يقال ذلك كناية عن الموت وهو دعاء عند العرب مشهور .

( أبرمتنا ) : أي أضجرتنا ،

( استحر ) : أي اشتد ، قال ابن الزبعرى :

حين حكت بقباء بركها * واستحر القتل في عبد الأشل

( استلحم ) : الرجل إذا احتوشه العدو في القتال . 

--------------------------------------
(1) عده الشيخ الطوسي في أصحاب الحسين ( عليه السلام ) . راجع رجال الشيخ : 101 ، الرقم 983 .
(2) تاريخ الطبري : 3 / 302 .
(3) تاريخ الطبري : 3 / 302 .
(4) تاريخ الطبري : 3 / 307 .
(5) تاريخ الطبري : 3 / 310 .
(6) تاريخ الطبري : 3 / 314 .
(7) تاريخ الطبري : 3 / 316 ، راجع الإرشاد : 2 / 92 .
(8) الإرشاد : 2 / 95 .
(9) في المصدر : الشامي .
(10) ليس في المصدر : البجلي .
( 11) تاريخ الطبري : 3 / 319 - 320 .
(12)خ الطبري : 3 / 326 .
(13) تاريخ الطبري : 3 / 328 بتفاوت .
(14) المناقب : 4 / 103 .
(15) راجع معجم البلدان : 1 / 489 .
  (16) الكامل : 2 / 483 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق