كان سعيد (1) من وجوه الشيعة بالكوفة وذوي الشجاعة والعبادة فيهم .
قال أهل السير : لما ورد نعي معاوية إلى الكوفة اجتمعت الشيعة فكتبوا إلى الحسين ( عليه السلام ) أولا مع عبد الله بن وال وعبد الله بن سبع ، وثانيا مع قيس بن مسهر وعبد رحمن :
وعبد الرحمن بن عبد الله ، وثالثا مع سعيد بن عبد الله الحنفي وهاني بن هاني .
وكان كتاب سعيد من شبث بن ربعي وحجار بن أبجر ويزيد بن الحرث ويزيد بن رويم وعزرة بن قيس وعمرو بن الحجاج ومحمد بن عمير . وصورة الكتاب : بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد ، فقد اخضر الجناب وأينعت الثمار ، وطمت الجمام ، فإذا شئت فاقدم على جند لك مجند (2) .
فأعاد الحسين ( عليه السلام ) سعيدا وهانيا من مكة وكتب إلى الذين ذكرنا كتابا صورته : بسم الله الرحمن الرحيم " أما بعد ، فإن سعيدا وهانيا قدما علي بكتبكم ، وكانا آخر من قدم علي من رسلكم ،
وقد فهمت كل الذي اقتصصتم وذكرتم ، ومقالة جلكم أنه ليس علينا إمام فأقبل لعل الله أن يجمعنا بك
على الهدى والحق . وقد بعثت إليكم أخي ابن عمي وثقتي من أهل بيتي ، مسلم بن عقيل وأمرته أن
يكتب إلي بحالكم وأمركم ورأيكم فإن بعث إلي أنه قد أجمع رأي ملئكم وذوي الفضل والحجا منكم على مثل ما قدمت به علي رسلكم ، وقرأت في كتبكم ، أقدم وشيكا إن شاء الله .
فلعمري ما الإمام إلا العامل بالكتاب والآخذ بالقسط والدائن بالحق والحابس نفسه على ذات الله ، والسلام " (3) .
ثم أرسلهما قبل مسلم وسرح مسلما بعدهما مع قيس ، وعبد الرحمن كما ذكرنا من قبل . قال أبو جعفر : لما حضر مسلم بالكوفة ونزل دار المختار خطب الناس عابس ثم حبيب كما قدمنا (4) .
ثم قام سعيد بعدهما فحلف أنه موطن نفسه على نصرة الحسين فاد له بنفسه ، ثم بعثه مسلم بكتاب إلى الحسين فبقي مع الحسين حتى قتل معه . وقال أبو مخنف : خطب الحسين ( عليه السلام ) أصحابه في الليلة العاشرة من المحرم فقال في خطبته : " وهذا الليل قد غشيكم " الخ . فقام أهله أولا فقالوا ما تقدم ، ثم قام سعيد ابن عبد الله فقال : والله لا نخليك حتى يعلم الله أنا قد حفظنا نبيه محمدا ( صلى الله عليه وآله ) فيك ، والله لو علمت أني أقتل ثم أحبي ثم أحرق حيا ثم أذر يفعل بي ذلك سبعين مرة
ما فارقتك حتى ألقى حمامي دونك ، فكيف لا أفعل ذلك ، وإنما هي فتلة واحدة . ثم هي الكرامة التي لا
انقضاء لها أبدا (5) . وقام بعده زهير كما تقدم . وروى أبو مخنف : أنه لما صلى الحسين الظهر صلاة الخوف ، ثم اقتتلوا بعد الظهر فاشتد القتال ، ولما قرب الأعداء من الحسين وهو قائم بمكانه ،
استقدم سعيد الحنفي أمام الحسين فاستهدف لهم يرمونه بالنبل يمينا وشمالا ، وهو قائم بين يدي
الحسين يقيه السهام طورا بوجهه ، وطورا بصدره ، وطورا بيديه ، وطورا بجنبيه ، فلم يكد يصل إلى الحسين
( عليه السلام ) شئ من ذلك حتى سقط الحنفي إلى الأرض (6) ، وهو يقول : اللهم العنهم لعن عاد
وثمود ، اللهم أبلغ نبيك عني السلام ، وأبلغه ما لقيت من ألم الجراح ، فإني أردت ثوابك في نصرة
نبيك ، ثم التفت إلى الحسين فقال : أوفيت يا بن رسول الله ؟ قال : " نعم ، أنت أمامي في الجنة " ، ثم فاضت نفسه النفيسة .
وفيه يقول البدي المتقدم ذكره :
سعيد بن عبد الله لا تنسينه * ولا الحر إذ آسى زهيرا على قسر
فلو وقفت صم الجبال مكانهم * لمارت على صهل ودكت على وعر
فمن قائم يستعرض النبل وجهه * ومن مقدم يلقى الأسنة بالصدر
----------------------------------------
(1) عده الشيخ الطوسي في أصحاب الحسين ( عليه السلام ) . راجع رجال الشيخ : 101 ، الرقم 990 .
(2) أورده المفيد في الإرشاد : 2 / 38 .
(3) راجع الإرشاد : 2 / 39 .
(4) راجع تاريخ الطبري : 3 / 279 .
(5) تاريخ الطبري : 3 / 315 .
(6) تاريخ الطبري : 3 / 328 ، أورده إلى قوله : ( حتى سقط ) ، راجع اللهوف : 165 .
قال أهل السير : لما ورد نعي معاوية إلى الكوفة اجتمعت الشيعة فكتبوا إلى الحسين ( عليه السلام ) أولا مع عبد الله بن وال وعبد الله بن سبع ، وثانيا مع قيس بن مسهر وعبد رحمن :
وعبد الرحمن بن عبد الله ، وثالثا مع سعيد بن عبد الله الحنفي وهاني بن هاني .
وكان كتاب سعيد من شبث بن ربعي وحجار بن أبجر ويزيد بن الحرث ويزيد بن رويم وعزرة بن قيس وعمرو بن الحجاج ومحمد بن عمير . وصورة الكتاب : بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد ، فقد اخضر الجناب وأينعت الثمار ، وطمت الجمام ، فإذا شئت فاقدم على جند لك مجند (2) .
فأعاد الحسين ( عليه السلام ) سعيدا وهانيا من مكة وكتب إلى الذين ذكرنا كتابا صورته : بسم الله الرحمن الرحيم " أما بعد ، فإن سعيدا وهانيا قدما علي بكتبكم ، وكانا آخر من قدم علي من رسلكم ،
وقد فهمت كل الذي اقتصصتم وذكرتم ، ومقالة جلكم أنه ليس علينا إمام فأقبل لعل الله أن يجمعنا بك
على الهدى والحق . وقد بعثت إليكم أخي ابن عمي وثقتي من أهل بيتي ، مسلم بن عقيل وأمرته أن
يكتب إلي بحالكم وأمركم ورأيكم فإن بعث إلي أنه قد أجمع رأي ملئكم وذوي الفضل والحجا منكم على مثل ما قدمت به علي رسلكم ، وقرأت في كتبكم ، أقدم وشيكا إن شاء الله .
فلعمري ما الإمام إلا العامل بالكتاب والآخذ بالقسط والدائن بالحق والحابس نفسه على ذات الله ، والسلام " (3) .
ثم أرسلهما قبل مسلم وسرح مسلما بعدهما مع قيس ، وعبد الرحمن كما ذكرنا من قبل . قال أبو جعفر : لما حضر مسلم بالكوفة ونزل دار المختار خطب الناس عابس ثم حبيب كما قدمنا (4) .
ثم قام سعيد بعدهما فحلف أنه موطن نفسه على نصرة الحسين فاد له بنفسه ، ثم بعثه مسلم بكتاب إلى الحسين فبقي مع الحسين حتى قتل معه . وقال أبو مخنف : خطب الحسين ( عليه السلام ) أصحابه في الليلة العاشرة من المحرم فقال في خطبته : " وهذا الليل قد غشيكم " الخ . فقام أهله أولا فقالوا ما تقدم ، ثم قام سعيد ابن عبد الله فقال : والله لا نخليك حتى يعلم الله أنا قد حفظنا نبيه محمدا ( صلى الله عليه وآله ) فيك ، والله لو علمت أني أقتل ثم أحبي ثم أحرق حيا ثم أذر يفعل بي ذلك سبعين مرة
ما فارقتك حتى ألقى حمامي دونك ، فكيف لا أفعل ذلك ، وإنما هي فتلة واحدة . ثم هي الكرامة التي لا
انقضاء لها أبدا (5) . وقام بعده زهير كما تقدم . وروى أبو مخنف : أنه لما صلى الحسين الظهر صلاة الخوف ، ثم اقتتلوا بعد الظهر فاشتد القتال ، ولما قرب الأعداء من الحسين وهو قائم بمكانه ،
استقدم سعيد الحنفي أمام الحسين فاستهدف لهم يرمونه بالنبل يمينا وشمالا ، وهو قائم بين يدي
الحسين يقيه السهام طورا بوجهه ، وطورا بصدره ، وطورا بيديه ، وطورا بجنبيه ، فلم يكد يصل إلى الحسين
( عليه السلام ) شئ من ذلك حتى سقط الحنفي إلى الأرض (6) ، وهو يقول : اللهم العنهم لعن عاد
وثمود ، اللهم أبلغ نبيك عني السلام ، وأبلغه ما لقيت من ألم الجراح ، فإني أردت ثوابك في نصرة
نبيك ، ثم التفت إلى الحسين فقال : أوفيت يا بن رسول الله ؟ قال : " نعم ، أنت أمامي في الجنة " ، ثم فاضت نفسه النفيسة .
وفيه يقول البدي المتقدم ذكره :
سعيد بن عبد الله لا تنسينه * ولا الحر إذ آسى زهيرا على قسر
فلو وقفت صم الجبال مكانهم * لمارت على صهل ودكت على وعر
فمن قائم يستعرض النبل وجهه * ومن مقدم يلقى الأسنة بالصدر
----------------------------------------
(1) عده الشيخ الطوسي في أصحاب الحسين ( عليه السلام ) . راجع رجال الشيخ : 101 ، الرقم 990 .
(2) أورده المفيد في الإرشاد : 2 / 38 .
(3) راجع الإرشاد : 2 / 39 .
(4) راجع تاريخ الطبري : 3 / 279 .
(5) تاريخ الطبري : 3 / 315 .
(6) تاريخ الطبري : 3 / 328 ، أورده إلى قوله : ( حتى سقط ) ، راجع اللهوف : 165 .