زيارة عاشوراء اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا اَبا عَبْدِاللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ(السَّلامُ عَلَيكَ يا خِيَرَةِ اللهِ وابْنَ خَيرَتِهِ) اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ وَابْنَ سَيِّدِ الْوَصِيّينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ فاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِساءِ الْعالَمينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا ثارَ اللهِ وَابْنَ ثارِهِ وَالْوِتْرَ الْمَوْتُورَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلَى الاَْرْواحِ الَّتي حَلَّتْ بِفِنائِكَ عَلَيْكُمْ مِنّي جَميعاً سَلامُ اللهِ اَبَداً ما بَقيتُ وَبَقِىَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ، يا اَبا عَبْدِاللهِ لَقَدْ عَظُمَتِ الرَّزِيَّةُ وَجَلَّتْ وَعَظُمَتِ الْمُصيبَةُ بِكَ عَلَيْنا وَعَلى جَميعِ اَهْلِ الاِْسْلامِ وَجَلَّتْ وَعَظُمَتْ مُصيبَتُكَ فِي السَّماواتِ عَلى جَميعِ اَهْلِ السَّماواتِ، فَلَعَنَ اللهُ اُمَّةً اَسَّسَتْ اَساسَ الظُّلْمِ وَالْجَوْرِ عَلَيْكُمْ اَهْلَ الْبَيْتِ، وَلَعَنَ اللهُ اُمَّةً دَفَعَتْكُمْ عَنْ مَقامِكُمْ وَاَزالَتْكُمْ عَنْ مَراتِبِكُمُ الَّتي رَتَّبَكُمُ اللهُ فيها، وَلَعَنَ اللهُ اُمَّةً قَتَلَتْكُمْ وَلَعَنَ اللهُ الْمُمَهِّدينَ لَهُمْ بِالَّتمْكينِ مِنْ قِتالِكُمْ، بَرِئْتُ اِلَى اللهِ وَاِلَيْكُمْ مِنْهُمْ وَمِنْ اَشْياعِهِمْ وَاَتْباعِهِمْ وَاَوْلِيائِهِم، يا اَبا عَبْدِاللهِ اِنّي سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَكُمْ وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكُمْ اِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ، وَلَعَنَ اللهُ آلَ زِياد وَآلَ مَرْوانَ، وَلَعَنَ اللهُ بَني اُمَيَّةَ قاطِبَةً، وَلَعَنَ اللهُ ابْنَ مَرْجانَةَ، وَلَعَنَ اللهُ عُمَرَ بْنَ سَعْد، وَلَعَنَ اللهُ شِمْراً، وَلَعَنَ اللهُ اُمَّةً اَسْرَجَتْ وَاَلْجَمَتْ وَتَنَقَّبَتْ لِقِتالِكَ، بِاَبي اَنْتَ وَاُمّي لَقَدْ عَظُمَ مُصابي بِكَ فَاَسْأَلُ اللهَ الَّذي َكْرَمَ مَقامَكَ وَاَكْرَمَني اَنْ يَرْزُقَني طَلَبَ ثارِكَ مَعَ اِمام مَنْصُور مِنْ اَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، اَللّـهُمَّ اجْعَلْني عِنْدَكَ وَجيهاً بِالْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي الدُّنْيا وَالاْخِرَةِ، يا اَبا عَبْدِاللهِ اِنّي اَتَقَرَّبُ اِلى اللهِ وَ اِلى رَسُولِهِ وَاِلى اَميرِ الْمُؤْمِنينَ وَاِلى فاطِمَةَ وَاِلَى الْحَسَنِ وَاِلَيْكَ بِمُوالاتِكَ وَبِالْبَراءَةِ (مِمَّنْ قاتَلَكَ وَنَصَبَ لَكَ الْحَرْبَ وَبِالْبَراءَةِ مِمَّنْ اَسَسَّ اَساسَ الظُّلْمِ وَالْجَوْرِ عَلَيْكُمْ وَاَبْرَأُ اِلَى اللهِ وَاِلى رَسُولِهِ) مِمَّنْ اَسَسَّ اَساسَ ذلِكَ وَبَنى عَلَيْهِ بُنْيانَهُ وَجَرى فِي ظُلْمِهِ وَجَوْرِهِ عَلَيْكُمْ وَعلى اَشْياعِكُمْ، بَرِئْتُ اِلَى اللهِ وَاِلَيْكُمْ مِنْهُمْ وَاَتَقَرَّبُ اِلَى اللهِ ثُمَّ اِلَيْكُمْ بِمُوالاتِكُمْ وَمُوالاةِ وَلِيِّكُمْ وَبِالْبَراءَةِ مِنْ اَعْدائِكُمْ وَالنّاصِبينَ لَكُمُ الْحَرْبَ وَبِالْبَراءَةِ مِنْ اَشْياعِهِمْ وَاَتْباعِهِمْ، اِنّي سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَكُمْ وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكُمْ وَوَلِىٌّ لِمَنْ والاكُمْ وَعَدُوٌّ لِمَنْ عاداكُمْ فَاَسْأَلُ اللهَ الَّذي أكْرَمَني بِمَعْرِفَتِكُمْ وَمَعْرِفَةِ اَوْلِيائِكُمْ وَرَزَقَنِى الْبَراءَةَ مِنْ اَعْدائِكُمْ اَنْ يَجْعَلَني مَعَكُمْ فِي الدُّنْيا وَالاْخِرَةِ وَاَنْ يُثَبِّتَ لي عِنْدَكُمْ قَدَمَ صِدْق فِي الدُّنْيا وَالاْخِرَةِ وَاَسْأَلُهُ اَنْ يُبَلِّغَنِى الْمَقامَ الَْمحْمُودَ لَكُمْ عِنْدَ اللهِ وَاَنْ يَرْزُقَني طَلَبَ ثاري مَعَ اِمام هُدىً ظاهِر ناطِق بِالْحَقِّ مِنْكُمْ وَاَسْألُ اللهَ بِحَقِّكُمْ وَبِالشَّأنِ الَّذي لَكُمْ عِنْدَهُ اَنْ يُعْطِيَني بِمُصابي بِكُمْ اَفْضَلَ ما يُعْطي مُصاباً بِمُصيبَتِهِ مُصيبَةً ما اَعْظَمَها وَاَعْظَمَ رَزِيَّتَها فِي الاِْسْلامِ وَفِي جَميعِ السَّماواتِ وَالاْرْضِ اَللّـهُمَّ اجْعَلْني فِي مَقامي هذا مِمَّنْ تَنالُهُ مِنْكَ صَلَواتٌ وَرَحْمَةٌ وَمَغْفِرَةٌ، اَللّـهُمَّ اجْعَلْ مَحْياىَ مَحْيا مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد وَمَماتي مَماتَ مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، اَللّـهُمَّ اِنَّ هذا يَوْمٌ تَبَرَّكَتْ بِهِ بَنُو اُمَيَّةَ وَابْنُ آكِلَةِ الاَْكبادِ اللَّعينُ ابْنُ اللَّعينِ عَلى لِسانِكَ وَلِسانِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فِي كُلِّ مَوْطِن وَمَوْقِف وَقَفَ فيهِ نَبِيُّكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، اَللّـهُمَّ الْعَنْ اَبا سُفْيانَ وَمُعاوِيَةَ وَيَزيدَ ابْنَ مُعاوِيَةَ عَلَيْهِمْ مِنْكَ اللَّعْنَةُ اَبَدَ الاْبِدينَ، وَهذا يَوْمٌ فَرِحَتْ بِهِ آلُ زِياد وَآلُ مَرْوانَ بِقَتْلِهِمُ الْحُسَيْنَ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِ، اَللّـهُمَّ فَضاعِفْ عَلَيْهِمُ اللَّعْنَ مِنْكَ وَالْعَذابَ (الاَْليمَ) اَللّـهُمَّ اِنّي اَتَقَرَّبُ اِلَيْكَ فِي هذَا الْيَوْمِ وَفِي مَوْقِفي هذا وَاَيّامِ حَياتي بِالْبَراءَةِ مِنْهُمْ وَاللَّعْنَةِ عَلَيْهِمْ وَبِالْمُوالاةِ لِنَبِيِّكَ وَآلِ نَبِيِّكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ اَلسَّلامُ ثمّ تقول مائة مرّة : اَللّـهُمَّ الْعَنْ اَوَّلَ ظالِم ظَلَمَ حَقَّ مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد وَآخِرَ تابِع لَهُ عَلى ذلِكَ، اَللّـهُمَّ الْعَنِ الْعِصابَةَ الَّتي جاهَدَتِ الْحُسَيْنَ (عليه السلام) وَشايَعَتْ وَبايَعَتْ وَتابَعَتْ عَلى قَتْلِهِ، اَللّـهُمَّ الْعَنْهُمْ جَميعاً ثمّ تقول مائة مرّة : اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا اَبا عَبْدِاللهِ وَعَلَى الاَْرْواحِ الَّتي حَلَّتْ بِفِنائِكَ عَلَيْكَ مِنّي سَلامُ اللهِ اَبَداً ما بَقيتُ وَبَقِيَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَلا جَعَلَهُ اللهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنّي لِزِيارَتِكُمْ، اَلسَّلامُ عَلَى الْحُسَيْنِ وَعَلى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَعَلى اَوْلادِ الْحُسَيْنِ وَعَلى اَصْحابِ الْحُسَيْنِ، ثمّ تقول : اَللّـهُمَّ خُصَّ اَنْتَ اَوَّلَ ظالِم بِاللَّعْنِ مِنّي وَابْدَأْ بِهِ اَوَّلاً ثُمَّ (الْعَنِ) الثّانيَ وَالثّالِثَ وَالرّابِعَ اَللّـهُمَّ الْعَنْ يَزيدَ خامِساً وَالْعَنْ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ زِياد وَابْنَ مَرْجانَةَ وَعُمَرَ بْنَ سَعْد وَشِمْراً وَآلَ اَبي سُفْيانَ وَآلَ زِياد وَآلَ مَرْوانَ اِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ثمّ تسجد وتقُول : اَللّـهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ حَمْدَ الشّاكِرينَ لَكَ عَلى مُصابِهِمْ اَلْحَمْدُ للهِ عَلى عَظيمِ رَزِيَّتي اَللّـهُمَّ ارْزُقْني شَفاعَةَ الْحُسَيْنِ يَوْمَ الْوُرُودِ وَثَبِّتْ لي قَدَمَ صِدْق عِنْدَكَ مَعَ الْحُسَيْنِ وَاَصْحابِ الْحُسَيْنِ اَلَّذينَ بَذَلُوا مُهَجَهُمْ دُونَ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلامُ .

أهلا وسهلا

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهلا وسهلا بكم اخوتي الافاضل في هذه المدونة المتواضعة اتمنى ان تنال رضاكم واستحسانكم . وهي تهدف الى نشر سيرة أصحاب الحسين عليه السلام

الأربعاء، 21 ديسمبر 2011

سعيد بن عبد الله الحنفي

كان سعيد (1) من وجوه الشيعة بالكوفة وذوي الشجاعة والعبادة فيهم .
 قال أهل السير : لما ورد نعي معاوية إلى الكوفة اجتمعت الشيعة فكتبوا إلى الحسين ( عليه السلام ) أولا مع عبد الله بن وال وعبد الله بن سبع ، وثانيا مع قيس بن مسهر وعبد رحمن :
وعبد الرحمن بن عبد الله ، وثالثا مع سعيد بن عبد الله الحنفي وهاني بن هاني .
وكان كتاب سعيد من شبث بن ربعي وحجار بن أبجر ويزيد بن الحرث ويزيد بن رويم وعزرة بن قيس وعمرو بن الحجاج ومحمد بن عمير . وصورة الكتاب : بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد ، فقد اخضر الجناب وأينعت الثمار ، وطمت الجمام ، فإذا شئت فاقدم على جند لك مجند (2) .
 فأعاد الحسين ( عليه السلام ) سعيدا وهانيا من مكة وكتب إلى الذين ذكرنا كتابا صورته : بسم الله الرحمن الرحيم " أما بعد ، فإن سعيدا وهانيا قدما علي بكتبكم ، وكانا آخر من قدم علي من رسلكم ،
وقد فهمت كل الذي اقتصصتم وذكرتم ، ومقالة جلكم أنه ليس علينا إمام فأقبل لعل الله أن يجمعنا بك
على الهدى والحق . وقد بعثت إليكم أخي ابن عمي وثقتي من أهل بيتي ، مسلم بن عقيل وأمرته أن
 يكتب إلي بحالكم وأمركم ورأيكم فإن بعث إلي أنه قد أجمع رأي ملئكم وذوي الفضل والحجا منكم على مثل ما قدمت به علي رسلكم ، وقرأت في كتبكم ، أقدم وشيكا إن شاء الله .
 فلعمري ما الإمام إلا العامل بالكتاب والآخذ بالقسط والدائن بالحق والحابس نفسه على ذات الله ، والسلام " (3) .
 ثم أرسلهما قبل مسلم وسرح مسلما بعدهما مع قيس ، وعبد الرحمن كما ذكرنا من قبل . قال أبو جعفر : لما حضر مسلم بالكوفة ونزل دار المختار خطب الناس عابس ثم حبيب كما قدمنا (4) .
ثم قام سعيد بعدهما فحلف أنه موطن نفسه على نصرة الحسين فاد له بنفسه ، ثم بعثه مسلم بكتاب إلى الحسين فبقي مع الحسين حتى قتل معه . وقال أبو مخنف : خطب الحسين ( عليه السلام ) أصحابه في الليلة العاشرة من المحرم فقال في خطبته : " وهذا الليل قد غشيكم " الخ . فقام أهله أولا فقالوا ما تقدم ، ثم قام سعيد ابن عبد الله فقال : والله لا نخليك حتى يعلم الله أنا قد حفظنا نبيه محمدا ( صلى الله عليه وآله ) فيك ، والله لو علمت أني أقتل ثم أحبي ثم أحرق حيا ثم أذر يفعل بي ذلك سبعين مرة
ما فارقتك حتى ألقى حمامي دونك ، فكيف لا أفعل ذلك ، وإنما هي فتلة واحدة . ثم هي الكرامة التي لا
 انقضاء لها أبدا (5) . وقام بعده زهير كما تقدم . وروى أبو مخنف : أنه لما صلى الحسين الظهر صلاة الخوف ، ثم اقتتلوا بعد الظهر فاشتد القتال ، ولما قرب الأعداء من الحسين وهو قائم بمكانه ،
 استقدم سعيد الحنفي أمام الحسين فاستهدف لهم يرمونه بالنبل يمينا وشمالا ، وهو قائم بين يدي
 الحسين يقيه السهام طورا بوجهه ، وطورا بصدره ، وطورا بيديه ، وطورا بجنبيه ، فلم يكد يصل إلى الحسين
 ( عليه السلام ) شئ من ذلك حتى سقط الحنفي إلى الأرض (6) ، وهو يقول : اللهم العنهم لعن عاد
 وثمود ، اللهم أبلغ نبيك عني السلام ، وأبلغه ما لقيت من ألم الجراح ، فإني أردت ثوابك في نصرة
نبيك ، ثم التفت إلى الحسين فقال : أوفيت يا بن رسول الله ؟ قال : " نعم ، أنت أمامي في الجنة " ، ثم فاضت نفسه النفيسة .
وفيه يقول البدي المتقدم ذكره :
 سعيد بن عبد الله لا تنسينه * ولا الحر إذ آسى زهيرا على قسر
 فلو وقفت صم الجبال مكانهم * لمارت على صهل ودكت على وعر
فمن قائم يستعرض النبل وجهه * ومن مقدم يلقى الأسنة بالصدر


----------------------------------------

(1) عده الشيخ الطوسي في أصحاب الحسين ( عليه السلام ) . راجع رجال الشيخ : 101 ، الرقم 990 .
(2) أورده المفيد في الإرشاد : 2 / 38 .
(3) راجع الإرشاد : 2 / 39 .
(4) راجع تاريخ الطبري : 3 / 279 .
(5) تاريخ الطبري : 3 / 315 . 
(6) تاريخ الطبري : 3 / 328 ، أورده إلى قوله : ( حتى سقط ) ، راجع اللهوف : 165 .

قعنب بن عمر النمري

كان قعنب رجلا بصريا من الشيعة الذين بالبصرة ، جاء مع الحجاج السعدي إلى الحسين ( عليه
 السلام ) وانضم إليه ، وقاتل في الطف بين يديه حتى قتل . ذكره صاحب الحدائق (1) . وله في القائميات ذكر وسلام .


-----------------------------------------------

(1) الحدائق الوردية : 122 .

جبلة بن علي الشيباني

كان جبلة شجاعا من شجعان أهل الكوفة ، قام مع مسلم أولا ، ثم جاء إلى الحسين ( عليه السلام )
 ثانيا ، ذكره جملة أهل السير . قال صاحب الحدائق : إنه قتل في الطف مع الحسين (1) .
وقال السروي : قتل في الحملة الأولى (2) .


----------------------------------------

(1) الحدائق الوردية : 122 .
(2) المناقب : 4 / 113 .

الحجاج بن بدر التميمي السعدي

كان الحجاج بصريا من بني سعد بن تميم جاء بكتاب مسعود بن عمرو إلى الحسين فبقي معه وقتل
 بين يديه .
قال السيد الداودي : إن الحسين ( عليه السلام ) كتب إلى المنذر بن الجارود العبدي وإلى يزيد بن مسعود النهشلي وإلى الأحنف بن قيس وغيرهم من رؤساء الأخماس والأشراف ، فأما الأحنف فكتب إلى الحسين يصبره ويرجيه ، وأما المنذر فأخذ الرسول إلى ابن زياد فقتله ، وأما مسعود (1) فجمع قومه بني تميم وبني حنظلة وبني سعد وبني عامر ، وخطبهم فقال : يا بني تميم كيف ترون موضعي فيكم وحسبي منكم ؟ قالوا : بخ بخ ، أنت والله فقرة الظهر ورأس الفخر ، حللت في الشرف وسطا ، وتقدمت فيه فرطا . قال : فإني قد جمعتكم لأمر أريد أن أشاوركم فيه وأستعين بكم عليه .
فقالوا له : إنا والله نمنحك النصيحة ونجهد لك الرأي ، فقل حتى نسمع . فقال : إن معاوية قد مات فأهون به والله هالكا ومفقودا ، ألا وإنه قد انكسر باب الجور والإثم وتضعضعت أركان الظلم ، وقد كان أحدث بيعة عقد بها أمرا ظن أنه قد أحكمه وهيهات الذي أراد ، اجتهد والله ففشل ، وشاور فخذل ، وقد قام يزيد شارب الخمور ، ورأس الفجور يدعي الخلافة على المسلمين ويتأمر عليهم بغير رضا
 منهم مع قصر حلم وقلة علم لا يعرف من الحق موطئ قدمه ، فأقسم بالله قسما مبرورا لجهاده على
 الدين أفضل من جهاد المشركين ، وهذا الحسين بن علي أمير المؤمنين وابن رسول الله ( صلى الله
 عليه وآله ) ذو الشرف الأصيل والرأي الأثيل له فضل لا يوصف وعلم لا ينزف ، هو أولى بهذا الأمر
 لسابقته وسنه وقدمه وقرابته ، يعطف على الصغير ويحنو على الكبير ، فأكرم به راعي رعية وإمام
 قوم وجبت لله به الحجة ، وبلغت به الموعظة  فلا تعشوا عن نور الحق ولا تسكعوا في وهد الباطل فقد كان صخر بن قيس يعني الأحنف انخزل بكم
بوم الجمل فاغسلوها بخروجكم إلى ابن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ونصرته ، والله لا يقصر
أحد عن نصرته إلا أورثه الله الذل في ولده والقلة في عشيرته ، وها أناذا قد لبست للحرب لامتها ، وأدرعت لها بدرعها ، من لم يقتل يمت ومن يهرب لم يفت ، فأحسنوا رحمكم الله رد الجواب . فقالت
 بنو حنظلة : يا أبا خالد نحن نبل كنانتك وفرسان عشيرتك إن رميت بنا أصبت وإن غزوت بنا فتحت ،
 لا تخوض غمرة إلا خضناها ولا تلقى والله شدة إلا لقيناها ، ننصرك بأسيافنا ونقيك بأبداننا إذا شئت .
 وقالت بنو أسد : أبا خالد إن أبغض الأشياء إلينا خلافك و الخروج من رأيك ، وقد كان صخر بن قيس أمرنا بترك القتال ، فحمدنا ما أمرنا به وبقي عزنا فينا ، فأمهلنا نراجع المشورة ونأتك برأينا !
وقالت : بنو عامر : نحن بنو أبيك وحلفاؤك لا نرضى إن غضبت ولا نوطن إن ضعنت ، فادعنا نجبك
 وأمرنا نطعك ، والأمر إليك إذا شئت . فالتفت إلى بني سعد وقال : والله يا بني سعد لئن فعلتموها لا رفع الله السيف عنكم أبدا ، ولا زال فيكم سيفكم ، ثم كتب إلى الحسين - قال بعض أهل المقاتل مع الحجاج بن بدر السعدي - أما بعد : فقد وصل إلي كتابك ، وفهمت ما ندبتني إليه ودعوتني له من الأخذ بحظي من طاعتك والفوز بنصيبي من نصرتك ، وإن الله لم يخل الأرض من عامل عليها بخير ، ودليل على سبيل نجاة ، وأنتم حجة الله على خلقه ، ووديعته في أرضه ، تفرعتم من زيتونة أحمدية
هو أصلها ، وأنتم فرعها فأقدم سعدت بأسعد طائر ، فقد ذللت لك أعناق بني تميم ، وتركتهم أشد
تتابعا في طاعتك من الإبل الظماء لورود الماء يوم خمسها ، وقد ذللت لك بني سعد ، وغسلت درن
قلوبها بماء سحابة مزن حين استهل برقها فلمع . ثم أرسل الكتاب مع الحجاج ، وكان متهيأ للمسير إلى الحسين بعدما سار إليه جماعة من العبديين ، فجاؤوا إليه ( عليه السلام ) بالطف ، فلما قرأ الكتاب قال : " ما لك ! آمنك الله من الخوف ، وأعزك وأرواك يوم العطش الأكبر " . وبقي الحجاج معه حتى قتل بين يديه . قال صاحب الحدائق : قتل مبارزة بعد الظهر ( 2) .
 وقال غيره : قتل في الحملة الأولى قبل الظهر . أقول : إن الذي ذكره أهل السير أن الحسين ( عليه السلام ) كتب إلى مسعود بن عمرو الأزدي ، وهذا الخبر يقتضي أنه كتب إلى يزيد بن مسعود التميمي النهشلي ، ولم أعرفه فلعله كان من أشراف تميم بعد الأحنف ، وقد تقدم القول في هذا .

 ( ضبط الغريب ) مما وقع في هذه الترجمة :
( الأثيل ) : العظيم .
( تسكع ) : تحير .
( الدرن ) : الوسخ يكون في الثوب وغيره .
( استهل ) : المطر : اشتد انصبابه ، يقال هل السحاب وانهل واستهل .

--------------------------------------
(1) هكذا في الأصل ، والصحيح : ابن مسعود .
(2) الحدائق الوردية : 122 .

الحر بن يزيد الرياحي

هو الحر بن يزيد بن ناجية بن قعنب بن عتاب < الردف > (1) بن هرمي بن رياح ابن يربوع بن

 حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم ، التميمي اليربوعي الرياحي . كان الحر شريفا في قومه جاهلية

 وإسلاما ، فإن جده عتابا كان رديف النعمان ، وولد عتاب قيسا وقعنبا ومات ، فردف قيس للنعمان

 ونازعه الشيبانيون ، فقامت بسبب ذلك حرب يوم الطخفة ، والحر هو ابن عم الأخوص الصحابي

الشاعر ، وهو زيد بن عمرو بن قيس بن عتاب .

وكان الحر في الكوفة رئيسا ندبه ابن زياد لمعارضة الحسين ( عليه السلام ) ، فخرج في ألف فارس . روى الشيخ ابن نما :

 أن الحر لما أخرجه ابن زياد إلى الحسين وخرج من القصر نودي من خلفه أبشر يا حر بالجنة . قال فالتفت فلما ير أحدا ، فقال في نفسه : والله ما هذه بشارة وأنا أسير إلى حرب الحسين ، وما كان يحدث نفسه في الجنة ، فلما صار مع الحسين

قص عليه الخبر ، فقال له الحسين : " لقد أصبت أجرا وخيرا " (2) .

 وروى أبو مخنف عن عبد الله بن سليم والمذري بن المشمعل الأسديين قالا : كنا نساير الحسين فنزل شراف ، وأمر فتيانه باستقاء الماء والإكثار منه ، ثم ساروا صباحا ، فرسموا صدر يومهم حتى انتصف النهار ، فكبر رجل منهم : فقال الحسين :

" الله أكبر لم كبرت " ؟ قال : رأيت النخل .

 قالا : فقلنا : إن هذا المكان ما رأينا به نخلة قط .

قال : " فما تريانه رأى " ؟ قلنا : رأى هوادي الخيل . فقال : " وأنا والله أرى ذلك " :

ثم قال الحسين : " أما لنا ملجأ نجعله في ظهورنا ونستقبل القوم من وجه واحد " ؟ قلنا : بلى ، هذا ذو حسم عن يسارك تميل إليه ، فإن سبقت القوم فهو كما تريد .

فأخذ ذات اليسار : فما كان بأسرع من أن طلعت هوادي الخيل : فتبيناها فعدلنا عنهم ، فعدلوا معنا كأن أسنتهم اليعاسيب ، وكأن راياتهم أجنحة الطير ، فسبقناهم إلى ذي حسم ، فضربت أبنية الحسين ( عليه السلام ) ، وجاء القوم فإذا الحر في ألف فارس فوقف مقابل الحسين في حر الظهيرة ،

 والحسين وأصحابه معتمون متقلدون أسيافهم ، فقال الحسين لفتيانه : " اسقوا القوم ورشفوا

 الخيل " فلما سقوهم ورشفوا خيولهم ، حضرت الصلاة ، فأمر الحسين الحجاج بن مسروق الجعفي ، وكان معه ، أن يؤذن ، فأذن ، وحضرت الإقامة فخرج الحسين في إزار ورداء ونعلين ، فحمد الله

 وأثنى عليه ثم قال : " أيها الناس إنها معذرة إلى الله وإليكم ، إني لم آتكم حتى أتتني كتبكم " إلى آخر ما قال ، فسكتوا عنه ، فقال للمؤذن : " أقم " فأقام ، فقال الحسين للحر : " أتريد أن تصلي بأصحابك " ؟ قال : لا بل بصلاتك ، فصلى بهم الحسين ، ثم دخل مضربه واجتمع إليه أصحابه ودخل الحر خيمة نصبت له واجتمع عليه أصحابه ، ثم عادوا إلى مصافهم فأخذ كل بعنان دابته وجلس في ظلها ، فلما كان وقت العصر أمر الحسين بالتهيؤ

للرحيل ، ونادى بالعصر ، فصلى بالقوم ثم انفتل من صلاته وأقبل بوجهه على القوم فحمد الله وأثنى

عليه ، وقال : " أيها الناس إنكم إن تتقوا " إلى آخر ما قال .

فقال الحر : إنا والله ما ندري ما هذه الكتب التي تذكر ، فقال الحسين : " يا عقبة بن سمعان أخرج الخرجين اللذين فيهما كتبهم إلي " ، فأخرج خرجين مملوين صحفا فنشرها بين أيديهم ، فقال الحر : فإنا لسنا من هؤلاء الذين كتبوا إليك ، وقد أمرنا إذا نحن لقيناك ألا نفارقك حتى نقدمك على عبيد الله

 ، فقال < له > الحسين : " الموت أدنى إليك من ذلك " ، ثم قال لأصحابه : " اركبوا " ، فركبوا وانتظروا حتى ركبت النساء ، فقال : " انصرفوا " ، فلما ذهبوا لينصرفوا حال القوم بينهم وبين الانصراف ، فقال الحسين للحر : " ثكلتك أمك ! ما تريد " ؟ قال : أما والله لو غيرك من العرب يقولها لي وهو على مثل هذه الحالة التي أنت عليها ما تركت ذكر أمه بالثكل أن أقوله كائنا من كان ،

 ولكن والله ما لي إلى ذكر أمك من سبيل إلا بأحسن ما يقدر عليه ، فقال الحسين : " فما تريد " ؟ قال : أريد أن أنطلق بك إلى عبيد الله ، فقال : " إذن لا أتبعك " ، قال الحر إذن لا أدعك ، فترادا

القول ثلاث مرات ، ثم قال الحر : إني لم أؤمر بقتالك ، وإنما أمرت ألا أفارقك حتى أقدمك الكوفة ، فإن أبيت فخذ طريقا لا تدخلك الكوفة ، ولا تردك إلى المدينة تكون بيني وبينك نصفا حتى أكتب إلى ابن زياد ، وتكتب إلى يزيد إن شئت أو إلى ابن زياد إن شئت ، فلعل الله أن يأتي بأمر يرزقني فيه العافية من أن أبتلى بشئ من أمرك ، قال : فتياسر عن طريق العذيب والقادسية ، وبينه وبين العذيب ثمانية وثلاثون ميلا ، وسار والحر يسايره ، حتى إذا كان بالبيضة خطب أصحابه بما تقدم فأجابوه بما ذكر في تراجمهم ، ثم ركب فسايره الحر وقال له : أذكرك الله يا أبا عبد الله في نفسك فإني أشهد لئن

 قاتلت لتقتلن ، ولئن قوتلت لتهلكن فيما أرى ، فقال له الحسين : " أفبالموت تخوفني ؟ ! وهل يعدو

 بكم

الخطب أن تقتلوني ! ؟ ما أدري ما أقول لك ! ولكني أقول كما قال أخو الأوس لابن عمه حين لقيه

وهو يريد نصرة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فقال له أين تذهب ؟ فإنك مقتول : فقال :

 سأمضي فما بالموت عار على الفتى * إذا ما نوى حقا وجاهد مسلما

وآسى الرجال الصالحين بنفسه * وفارق مثبورا وباعد مجرما

 فإن عشت لم أندم وإن مت لم ألم * كفى بك عارا أن تلام وتندما

 فلما سمع ذلك الحر تنحى عنه ، حتى انتهوا إلى عذيب الهجانات (3) فإذا هم بأربعة نفر يجنبون فرسا لنافع بن هلال ويدلهم الطرماح بن عدي ، فأتوا إلى الحسين وسلموا عليه ، فأقبل الحر وقال :

 إن هؤلاء النفر الذين جاءوا من أهل الكوفة ليسوا ممن أقبل معك وأنا حابسهم أو رادهم .

 فقال الحسين :

" لأمنعنهم مما أمنع منه نفسي ، إنما هؤلاء أنصاري وأعواني ، وقد كنت أعطيتني ألا تعرض لي بشئ حتى يأتيك جواب عبيد الله " ، فقال : أجل ، لكن لم يأتوا معك ، قال : " هم أصحابي وهم بمنزلة

 من جاء معي ، فإن تممت علي ما كان بيني وبينك وإلا ناجزتك " ، قال : فكف عنهم الحر (4) ، ثم

ارتحل الحسين من قصر بني مقاتل فأخذ يتياسر والحر يرده فإذا راكب على نجيب له وعليه السلاح متنكب قوسا مقبل من الكوفة ، فوقفوا ينتظرونه جميعا : فلما انتهى إليهم سلم على الحر وترك الحسين فإذا هو مالك بن النسر (5) البدي من كندة ، فدفع إلى الحر كتابا من عبيد الله فإذا فيه : أما بعد فجعجع بالحسين ( عليه السلام ) حين يبلغك كتابي ويقدم عليك رسولي فلا تنزله إلا بالعراء في غير حصن وعلى غير ماء ، وقد أمرت رسولي أن يلزمك ولا يفارقك حتى يأتيني بإنفاذك أمري ، والسلام .

 فلما قرأ الكتاب جاء به إلى الحسين ومعه الرسول ، فقال : هذا كتاب الأمير يأمرني أن أجعجع بكم في المكان الذي يأتيني فيه كتابه ، وهذا رسوله قد أمره أن لا يفارقني حتى أنفذ رأيه وأمره .

وأخذهم بالنزول في ذلك المكان ، فقال له : " دعنا ننزل في هذه القرية أو هذه أو هذه " يعني نينوى

 والغاضرية وشفية .

 فقال : لا والله لا أستطيع ذلك ، هذا الرجل بعث إلي عينا ، فنزلوا هناك (6) .

 قال أبو مخنف : لما اجتمعت الجيوش بكربلا لقتال الحسين جعل عمر بن سعد على ربع المدينة عبد الله بن زهير بن سليم الأزدي ، وعلى ربع مذحج وأسد عبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي ، وعلى ربع ربيعة وكندة قيس بن الأشعث ، وعلى ربع تميم وهمدان الحر بن يزيد ، وعلى الميمنة عمرو بن الحجاج ، وعلى الميسرة شمر بن ذي الجوشن ، وعلى الخيل عزرة بن قيس ، وعلى الرجالة شبث بن ربعي ، وأعطى الراية مولاه دريدا (7) .

 فشهد هؤلاء كلهم قتال الحسين إلا الحر فإنه عدل إليه وقتل معه .

 قال أبو مخنف : ثم إن الحر - لما زحف عمر بن سعد بالجيوش - قال له : أصلحك الله ! أمقاتل أنت هذا الرجل ؟ فقال : إي والله قتالا أيسره أن تسقط الرؤوس وتطيح الأيدي . قال : أفمالك (8) في واحدة من الخصال التي عرض عليكم رضا ؟ فقال : أما والله لو كان الأمر إلي لفعلت ، ولكن أميرك قد أبى ، فأقبل الحر حتى وقف من الناس موقفا ، ومعه قرة بن قيس الرياحي ، فقال : يا قرة هل سقيت فرسك اليوم ؟ قال : لا ، قال : أما تريد أن تسقيه ؟ قال : فظننت والله أنه يريد أن يتنحى فلا يشهد القتال ، وكره أن أراه حين يصنع ذلك

فيخاف أن أرفعه عليه ، فقلت : أنا منطلق فساقيه .

قال فاعتزلت ذلك المكان الذي كان فيه ، فوالله لو أطلعني على الذي يريد لخرجت معه ، قال فأخذ يدنو من الحسين قليلا قليلا ، فقال له المهاجر بن أوس الرياحي : ما تريد يا بن يزيد ؟ أتريد أن تحمل ؟ فسكت وأخذه مثل العرواء ، فقال له : يا بن يزيد ، إن أمرك لمريب ، وما رأيت منك في موقف قط مثل شئ آراه الآن ، ولو قيل لي من أشجع أهل الكوفة رجلا ما عدوتك ، فما هذا الذي أرى منك !

 قال : إني والله أخير نفسي بين الجنة والنار ، ووالله لا أختار على الجنة شيئا ولو قطعت وحرقت ، ثم ضرب فرسه ولحق بالحسين ، فلما دنا منهم قلب ترسه ، فقالوا مستأمن ، حتى إذا عرفوه سلم على الحسين وقال : جعلني الله فداك يا بن رسول الله ! أنا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع ، وسايرتك في الطريق ، وجعجعت بك في هذا المكان ، والله الذي لا إله إلا هو ما ظننت أن القوم يردون عليك ما عرضت عليهم أبدا ، ولا يبلغون منك هذه المنزلة ، فقلت في نفسي لا أبالي أن أصانع

  (9) القوم في بعض أمرهم ، ولا يظنون (10) أني خرجت من طاعتهم . وأما هم فسيقبلون من حسين هذه الخصال التي يعرض عليهم ، ووالله إني لو ظننتهم لا يقبلونها منك ما ركبتها منك ، وإني قد جئتك تائبا مما كان مني إلى ربي ، ومواسيا لك بنفسي حتى أموت بين يديك ، أفترى لي توبة ؟ قال : " نعم ، يتوب الله عليك ، ويغفر لك ، فانزل " قال : أنا لك فارسا خير مني راجلا ، أقاتلهم على

 فرسي ساعة ، وإلى النزول ما يصير آخر أمري . قال : " فاصنع ما بدا لك " ، فاستقدم أمام أصحابه ثم قال : أيها القوم ألا تقبلون من حسين هذه الخصال التي

عرض عليكم فيعافيكم الله من حربه ؟ قالوا : فكلم الأمير عمر ، فكلمه بما قال له قبل ، وقال لأصحابه ، فقال عمر : قد حرصت ، ولو وجدت إلى ذلك سبيلا فعلت ، فالتفت الحر إلى القوم وقال : يا أهل

الكوفة ، لأمكم الهبل والعبر دعوتم ابن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حتى إذا أتاكم أسلمتموه ،

 وزعمتم أنكم قاتلوا أنفسكم دونه ، ثم عدوتم عليه لتقتلوه ، أمسكتم بنفسه ، وأخذتم بكظمه ، وأحطتم به من كل جانب ، لتمنعوه (11) التوجه إلى بلاد الله العريضة حتى يأمن ويأمن أهل بيته ، فأصبح في أيديكم كالأسير لا يملك لنفسه نفعا ، ولا يدفع ضرا ، حلأتموه ونساءه وصبيته وأصحابه عن ماء

 الفرات الجاري الذي يشربه اليهودي والنصراني ، وتمرغ فيه خنازير السواد وكلابه ، فهاهم قد صرعهم العطش ، بئسما خلفتم محمدا في ذريته ! لا سقاكم الله يوم الظمأ إن لم تتوبوا وتنزعوا عما أنتم عليه من يومكم هذا في ساعتكم هذه . فحملت عليه رجال ترميه بالنبل ، فأقبل حتى وقف أمام الحسين ( 12) . وروى أبو مخنف أن يزيد بن أبي سفيان الثغري من بني الحرث بن تميم قال : أما والله لو رأيت الحر حين خرج لأتبعته السنان ، قال :

 فبينا الناس يتجاولون ويقتتلون والحر بن يزيد يحمل على القوم مقدما ويتمثل قول عنترة :

 ما زلت أرميهم بثغرة نحره * ولبانه حتى تسربل بالدم

وإن فرسه لمضروب على أذنيه وحاجبيه ، وإن دمائه لتسيل ، فقال الحصين بن تميم التميمي ليزيد بن سفيان : هذا الحر الذي كنت تتمنى . قال : نعم .

 وخرج إليه فقال له : هل لك يا حر في المبارزة ؟ قال : نعم ، قد شئت ، فبرز له ، قال الحصين : وكنت أنظر إليه ، فوالله لكأن نفسه كانت في يد الحر ، خرج إليه .

 فما لبث أن قتله ( 13) .

 وروى أبو مخنف عن أيوب بن مشرح الخيواني كان يقول : جال الحر على فرسه فرميته بسهم فحشأته فرسه فلما لبث اذ أرعد الفرس واضطرب وكبا ، فوثب عنه الحر كأنه ليث والسيف في يده وهو يقول : إن تعقروا بي فأنا ابن الحر * أشجع من ذي لبد هزبر قال : فما رأيت أحد قط يفري فريه (14) .

 قال أبو مخنف :

ولما قتل حبيب أخذ الحر يقاتل راجلا وهو يقول :

 آليت لا أقتل حتى أقتلا * ولن أصحاب اليوم إلا مقبلا

 أضربهم بالسيف ضربا مفصلا * لا ناكلا عنهم ولا مهللا

ويضرب فيهم ويقول :

 إني أنا الحر ومأوى الضيف * أضرب في أعراضكم بالسيف

 عن خير من حل بأرض الخيف (15)

 ثم أخذ يقاتل هو وزهير قتالا شديدا ، فكان إذا شد أحدهما واستلحم شد الآخر حتى يخلصه ، ففعلا

ذلك ساعة . ثم شدت جماعة على الحر فقتلوه (16) .

 فلما صرع وقف عليه الحسين ( عليه السلام ) وقال له : " أنت كما سمتك أمك الحر حر في الدنيا وسعيد في الآخرة " . وفيه يقول عبيد الله بن عمرو الكندي البدي :

سعيد بن عبد الله لا تنسينه * ولا الحر إذ آسى زهيرا على قسر



( ضبط الغريب ) مما وقع هذه الترجمة :

( رسموا ) : ساروا الرسيم وهو نوع من السير معروف .

( البيضة ) : قال أبو محمد الأعرابي الأسود : البيضة بكسر الباء ما بين واقصة إلى العذيب (17) .

 ( العرواء ) : بالعين المهملة المضمومة والراء المهملة المفتوحة قوة الحمى ورعدتها ، وفي رواية الأفكل : وهو بفتح الهمزة كأحمد الرعدة .

( قلب ترسه ) : هو علامة لعدم الحرب ، وذلك لأن المقبل إلى القوم وهو متترس شاهر سيفه ، محارب لهم فإذا قلب الترس وأغمد السيف : فهو غير محارب أم مستأمن أو رسول .

( الهبل ) : كجبل .

( والعبر ) : كصبر وتضم العين هما بمعنى الثكل ، ويمضى على بعض الألسنة العير بالياء المثناة تحت وهو غلط .

( كظمه ) : كظم الوادي بفتح الكاف وسكون الظاء المعجمة مضيقه ، فإذا أخذه الإنسان فقد منع الداخل فيه والخارج ، فهو كنايد عن المنع ، كما يقال أخذ بزمامه .

( ثغرة النحر ) : نقرته بين الترقوتين وهي بضم الثاء المثلثة .

( اللبان ) : كسحاب الصدر من الفرس .

( حشأته ) : أصبت أحشائه .

( يفرى فريه ) : يفعل فعله في الضرب والمجالدة .


-------------------------------------

(1) في جمهرة أنساب العرب 227 : عتاب الردف ، وأورده ابن الكلبي في جمهرة النسب : 1 / 307 .
(2) مثير الأحزان : 59 - 60 بتفاوت .
(3) موضع في العراق قرب القادسية . راجع معجم البلدان : 2 / 92 .
(4) راجع تاريخ الطبري : 3 / 307 ، والإرشاد : 2 / 80 .
(5) في تاريخ الطبري : النسير .
(6) راجع تاريخ الطبري : 3 / 309 .
(7) تاريخ الطبري : 3 / 317 ، وفيه : ذويدا .
(8) في المصدر : أفما لكم .
(9) في المصدر : أطيع .
(10) في المصدر : ولا يرون .
(11) في المصدر : فمنعتموه .
(12) تاريخ الطبري : 3 / 320 بتفاوت .
( 13) تاريخ الطبري : 3 / 324 .
(14) تاريخ الطبري : 3 / 324 .
(15) تاريخ الطبري : 3 / 327 ، وفيه : أضرب في أعراضم بالسيف * عن خيرمن كل منى والخيف
 (16 ) تاريخ الطبري : 3 / 327 .
(17) راجع معجم البلدان : 1 / 532 .

عباد بن المهاجر بن أبي المهاجر الجهني

 كان عباد أيضا فيمن تبع الحسين ( عليه السلام ) من مياه جهينة . قال صاحب الحدائق الوردية :
 وقتل معه في الطف رضي الله عنه (1 ) .
عقبة بن الصلت الجهني كان عقبة ممن تبع الحسين ( عليه السلام ) من منازل جهينة ، ولازمه ولم ينفض فيمن  انفض . قال صاحب الحدائق : وقتل معه في الطف (1) .


-----------------------------------------

(1) الحدائق الوردية : 122 .
( 2) الحدائق الوردية : 122 .

مجمع بن زياد بن عمرو الجهني

كان مجمع بن زياد في منازل جهينة حول المدينة ، فلما مر الحسين ( عليه السلام ) بهم تبعه فيمن
 تبعه من الأعراب ، ولما انفضوا من حوله أقام معه وقتل بين يديه في كربلا كما ذكره صاحب الحدائق (1) وغيره . 


-------------------------------------

(1) الحدائق الوردية : 122 .

قاسط بن زهير بن الحرث التغلبي وأخوه كردوس بن زهير بن الحرث التغلبي وأخوه مقسط بن زهير بن الحرث التغلبي

 كان هؤلاء الثلاثة من أصحاب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ومن المجاهدين بين يديه في حروبه ،
 صحبوه أولا ثم صحبوا الحسن ( عليه السلام ) ثم بقوا في الكوفة ، ولهم ذكر في الحروب :
 ولا سيما صفين .
 ولما ورد الحسين ( عليه السلام ) كربلا خرجوا إليه ، فجاؤوه ليلا وقتلوا بين يديه . قال السروي : < قتل > في الحملة الأولى (1) .


------------------------------------------

(1) المناقب : 4 / 267 .

الضرغامة بن مالك التغلبي

 كان كاسمه ضرغاما ، وكان من الشيعة ، وممن بايع مسلما ، فلما خذل ،
خرج فيمن خرج مع ابن سعد ، ومال إلى الحسين ( عليه السلام ) فقاتل مع وقتل بين يديه مبارزة بعد صلاة الظهر ، رضي الله عنه .



كنانة بن عتيق التغلبي

 كان كنانة (1) بطلا من أبطال الكوفة ، وعابدا من عبادها ، وقارئا من قرائها ، جاء إلى الحسين ( عليه السلام ) في الطف ، وقتل بين يديه . قال السروي : قتل في الحملة الأولى (2) . وقال غيره : قتل مبارزة في ما بين الحملة الأولى والظهر .

--------------------------------

(1) عده الشيخ في أصحاب الحسين ( عليه السلام ) . راجع رجال الشيخ : 104 ، الرقم 1031 .
(2) المناقب : 4 / 113 .

أمية بن سعد الطائي

 كان أمية من أصحاب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، تابعيا نازلا في الكوفة ، سمع بقدوم الحسين ( عليه السلام ) إلى كربلاء ، فخرج إليه أيام المهادنة ، وقتل بين يديه . قال صاحب الحدائق : قتل في أول الحرب ، يعني في الحملة الأولى (1) .  

--------------------------------------------

(1) الحدائق الوردية : 122 .

عمار بن حسان الطائي

هو عمار (1) بن حسان بن شريح بن سعد بن حارثة بن لام بن عمرو بن ظريف بن عمرو بن ثمامة بن ذهل بن جذعان بن سعد بن طي ، الطائي . كان عمار من الشيعة المخلصين في الولاء ، ومن الشجعان المعروفين ، وكان أبوه حسان ممن صحب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وقاتل بين يديه في حرب الجمل وحرب صفين فقتل بها .
وكان عمار صحب الحسين ( عليه السلام ) من مكة ولازمه حتى قتل بين يديه . قال السروي : قتل في الحملة الأولى (2) .

ومن أحفاد عمار عبد الله بن أحمد بن عامر بن سليمان بن صالح بن وهب بن عمار هذا ، أحد علمائنا ورواتنا ، صاحب كتاب قضايا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يرويها عن أبيه ، عن الرضا ( عليه السلام ) (3 ) .

--------------------------------------------
(1) عده الشيخ الطوسي في أصحاب الحسين ( عليه السلام ) . راجع رجال الشيخ : 103 ، الرقم 1013 .
(2) المناقب : 4 / 113 .
(3) لاحظ رجال النجاشي : 229 ، الرقم 606 .

الحباب بن عامر بن كعب بن تيم اللاة بن ثعلبة التيمي

كان الحباب (1)  في الكوفة من الشيعة ، وممن بايع مسلم ، وخرج إلى الحسين ( عليه السلام ) بعد التخاذل عن مسلم ، فصادفه في الطريق ، فلزمه حتى قتل بين يديه .
 قال السروي : قتل في الحملة الأولى (2) .


-------------------------------------------

(1) في تسمية من قتل ص 154 : الضباب بن عامر .
(2) المناقب : 4 / 113 ، وفيه : الحباب بن الحارث .

بكر بن حي بن تيم الله بن ثعلبة التيمي

كان بكر ممن خرج مع ابن سعد إلى حرب الحسين ( عليه السلام ) ، حتى إذا قامت الحرب على ساق ، مال مع الحسين على ابن سعد ، فقتل بين يدي الحسين ( عليه السلام ) بعد الحملة الأولى ، ذكره صاحب الحدائق (1) وغيره .
 جوين بن مالك بن قيس بن ثعلبة التيمي كان جوين نازلا في بني تيم ، فخرج معهم إلى حرب الحسين ( عليه السلام ) ، وكان من الشيعة ، فلما ردت الشروط على الحسين ( عليه السلام ) ، مال معه فيمن مال . ورحلوا إلى الحسين ( عليه السلام ) ليلا ، وقتل بين يديه .
 قال السروي : وقتل في الحملة الأولى (2) .
وصحف اسمه بسيف ونسبة بالنمري .
 عمر بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة الضبعي التيمي كان عمر فارسا مقداما خرج مع ابن سعد ثم دخل في أنصار الحسين ( عليه السلام ) فيمن دخل .
 قال السروي : قتل في الحملة الأولى (3) .


-------------------------------------------

(1) الحدائق الوردية : 122 ، وفيه : وقتل بكر بن حي التيملي من بني تيم الله بن ثعلبة .
(2) المناقب : 4 / 113 ، وفيه سيف بن مالك النميري .
(3) لم أعثر عليه بهذا الاسم في المناقب ، ولكنه في تسمية من قتل مع الحسين ( عليه السلام ) : 153 عمرو بن ضبيعة .

مسعود بن الحجاج التيمي تيم الله بن ثعلبة وابنه عبد الرحمن بن مسعود بن الحجاج التيمي

كان مسعود ( 1)وابنه من الشيعة المعروفين ، ولمسعود ذكر في المغازي والحروب ، وكانا شجاعين مشهورين ، خرجا مع ابن سعد حتى إذا كانت لهما فرصة أيام المهادنة جاءا إلى الحسين ( عليه السلام ) يسلمان عليه فبقيا عنده ، وقتلا في الحملة الأولى ، كما ذكره السروي (2) .

--------------------------------------

(1) عده الشيخ في أصحاب الحسين ( عليه السلام ) . راجع رجال الشيخ : 105 ، الرقم 1043 .
(2) المناقب : 4 / 113 ، وفيه : مسعود بن الحجاج .